سورة الشعراء - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


قوله تعالى: {فأَتْبَعُوهم} قال ابن قتيبة: لحقوهم {مُشْرِقِين} أي: حين شَرَقت الشمس، أي: طلعت، يقال: أشْرَقْنا: دخلنا في الشُّروق، كما يقال: أمسينا وأصبحنا. وقرأ الحسن، وأيوب السَّخْتِياني: {فاتَّبعوهم} بالتشديد.
قوله تعالى: {فلما تَراءى الجمعان} وقرأ أبو رجاء، والنخعي، والأعمش: {تَرِاأَى} بكسر الراء وفتح الهمزة، أي: تقابلا بحيث يرى كل فريق صاحبه.
قوله تعالى: {كَلاّ} أي: لن يُدركونا {إِنَّ مَعِيَ ربِّي سَيَهدين} أي: سيدلُّني على طريق النجاة.
قوله تعالى: {فانْفَلَقَ} فيه إِضمار فضرب فانفلق، أي: انشقَّ الماء اثني عشر طريقاً {فكان كُلُّ فِرْقٍ} أي: كل جزءٍ انفرق منه. وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وعاصم الجحدري: {كُلُّ فِلْقٍ} باللام، {كالطود} وهو الجبل.
قوله تعالى: {وأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِين} أي: قرَّبْنا الآخَرين من الغرق، وهم أصحاب فرعون. وقال أبو عبيدة: {أزلفنا} أي: جمعنا. قال الزجاج: وكلا القولين حسن، لأن جمعهم تقريب بعضهم من بعض، وأصل الزُّلفى في كلام العرب: القُرْبَى. وقرأ ابن مسعود، وأُبيُّ بن كعب، وأبو رجاء، والضحاك، وابن يعمر: {أَزْلَقْنَا} بقاف، وكذلك قرأوا: {وأُزْلِقَتِ الجنَّةُ} [الشعراء: 90] بقاف أيضاً.
قوله تعالى: {إِنَّ في ذلكَ لآيةً} يعني: في إِهلاك فرعون وقومه عبرة لمن بعدهم {وما كان أكثرُهم مؤمنِين} أي: لم يكن أكثر أهل مصر مؤمنين، إِنما آمنت آسية، وخِربيل مؤمن آل فرعون، وفنّة الماشطة، ومريم امرأة دلَّت موسى على عظام يوسف، هذا قول مقاتل. وما أخللنا به من تفسير كلمات في قصة موسى، فقد سبق بيانها، وكذلك ما يُفقد ذِكْره في مكان، فهو إِما أن يكون قد سبق، وإِما أن يكون ظاهراً، فتنبَّه لهذا.


قوله تعالى: {هل يَسْمَعُونكم} والمعنى: هل يَسمعون دعاءكم. وقرأ سعيد بن جبير، وابن يعمر، وعاصم الجحدري: {هل يُسْمِعونكم} بضم الياء وكسر الميم، {إِذ تَدْعُون} قال الزجاج: إِن شئت بيَّنت الذال، وإِن شئت أدغمتها في التاء وهو أجود في العربية، لقرب الذال من التاء.
قوله تعالى: {أو يَنْفَعونكم} أي: إِن عبدتموهم {أو يَضُرُّونَ} إِن لم تعبدوهم؟ فأخبروا عن تقليد آبائهم.
قوله تعالى: {فإنَّهم عَدُوٌّ لي} فيه وجهان.
أحدهما: أن لفظه لفظ الواحد والمراد به الجميع؛ فالمعنى: فانهم أعداءٌ لي.
والثاني: فان كلَّ معبود لكم عدوٌّ لي.
فان قيل: ما وجه وصف الجماد بالعداوة؟
فالجواب: من وجهين.
أحدهما: أن معناه: فانهم عدوٌّ لي يوم القيامة إِن عبدتُهم.
والثاني: أنه من المقلوب؛ والمعنى: فإنِّي عدوٌّ لهم، لأن مَنْ عاديتَه عاداكَ، قاله ابن قتيبة.
وفي قوله: {إِلاّ رَبَّ العالَمِين} قولان:
أحدهما: أنه استثناء من الجنس، لأنه عَلِم أنهم كانوا يعبُدون الله مع آلهتهم، قاله ابن زيد.
والثاني: أنه من غير الجنس؛ والمعنى: لكن ربّ العالمين ليس كذلك، قاله أكثر النحويين.
قوله تعالى: {الذي خلقني فهو يَهْدِين} أي: إِلى الرّشد، لا ما تعبُدون، {والذي هو يُطْعِمُني وَيَسْقين} أي: هو رازقي الطعام والشراب.
فإن قيل: لم قال: {مرضتُ}، ولم يقل أمرضَني؟
فالجواب: أنه أراد الثناء على ربّه فأضاف إِليه الخير المحض، لأنه لو قال: أمرضَني لعدَّ قومُه ذلك عيباً، فاستعمل حُسن الأدب؛ ونظيره قصة الخضر حين قال في العيب: {فأردتُ} [الكهف: 79]، وفي الخير المحض: {فأراد ربُّكَ} [الكهف: 82].
فإن قيل: فهذا يردُّه قوله: {والذي يُميتني}.
فالجواب: أن القوم كانوا لا يُنكرون الموت، وإِنما يجعلون له سبباً سوى تقدير الله عز وجل، فأضافه إِبراهيم إِلى الله عز وجل، وقوله: {ثم يُحيين} يعني للبعث: وهو أمرٌ لا يُقِرُّون به، وإِنما قاله استدلالاً عليهم؛ والمعنى: أن ما وافقتموني عليه موجب لِصِحَّة قولي فيما خالفتموني فيه.
قوله تعالى: {والذي أَطْمَعُ أن يَغْفِر لي خطيئتي} يعني: ما يجري على مِثْلِي من الزَّلل؛ والمفسرون يقولون: إِنما عنى الكلمات الثلاث التي ذكرناها في [الأنبياء: 63]، {يومَ الدِّين} يعني: يوم الحشر والحساب؛ وهذا احتجاج على قومه أنه لا تصلحُ الإِلهية إِلا لِمَنْ فَعَلَ هذه الأفعال.


قوله تعالى: {هَبْ لِي حُكْماً} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: النبوَّة، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: اللُّبّ، قاله عكرمة.
والثالث: الفَهْم والعِلْم، قاله مقاتل، وقد بيَّنَّا معنى {وأَلحِقْني بالصَّالِحِين} في سورة [يوسف: 101]، وبيَّنَّا معنى {لِسَانَ صِدْقٍ} في [مريم: 50] والمراد بالآخِرِين: الذين يأتون بعده إِلى يوم القيامة.
قوله تعالى: {واغفر لأبي} قال الحسن: بلغني أن أُمَّه كانت مسلمة على دينه، فلذلك لم يذكُرها.
فإن قيل: فقد قال: {اغفر لي ولوالديَّ} [ابراهيم: 41].
قيل: أكثر الذِّكْر إِنما جرى لأبيه، فيجوز أن يسأل الغفران لأمِّه وهي مؤمنة، فأما أبوه فلا شك في كفره. وقد بيَّنَّا سبب استغفاره لأبيه في [براءة: 113]، وذكرنا معنى الخزي في [آل عمران: 192].
قوله تعالى: {يَوْمَ يُبْعَثُون} يعني: الخلائق.
قوله تعالى: {إِلا مَنْ أتى اللّهَ بقلب سليم} فيه ستة أقوال.
أحدها: سليم من الشِّرك، قاله الحسن، وابن زيد.
والثاني: سليم من الشَّكّ، قاله مجاهد.
والثالث: سليم، أي: صحيح، وهو قلب المؤمن، لأن قلب الكافر والمنافق مريض، قاله سعيد بن المسيب.
والرابع: أن السَّليم في اللغة: اللديغ، فالمعنى: كاللديغ من خوف الله تعالى، قاله الجنيد.
والخامس: سليم من آفات المال والبنين، قاله الحسين بن الفضل.
والسادس: سليم من البدعة، مُطْمئنّ على السُّنَّة، حكاه الثعلبي.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8